9 juin 2009

تاريخ حـمّام الأغـزاز: الأستاذ: مصطفى بن عمران بلحاج علي: الجزء الخامس:

تاريخ حـمّام الأغـزاز: الأستاذ: مصطفى بن عمران بلحاج علي

الجزء الخامس:

قدوم الجد الأول إلى حمام الأغزاز:

من خلال ما قدّمنا من شواهد، يتأكد وجود الأغزاز في شمال إفريقيا وفي تونس بالذات منذ القرن السادس الهجري: (الثاني عشر الميلادي) أي منذ بداية العهد الموحدي في تونس.

أما عن قدوم الجد الأول لحمام الأغزاز: محمد الطرابلسي الغُزّي، فقد ذكرت أهم الروايات المتواترة عن الأجداد أنه كان قبل مجيئه إلى تونس موجودا في ليبيا. ولا تذكر الروايات أين كان قبل ذلك، وإنما هناك إشارات إلى أنه أصيل طرابلس لبنان، وقد جلب منها غراسة الأشجار المثمرة (العود الرقيق)، وذلك باعتبار جهل سكان طرابلس ليبيا لهذا النوع من الغراسات. كما لا يوجد ما يدل على تواجد الأندلسيين بحمام الأغزاز قديما حتى نقول ربما جاء العود الرقيق إلى حمام الأغزاز عن طريق الأندلسيين الذين هاجروا إلى تونس. ثم إن حمام الأغزاز رغم صغر حجمها وضيق سهولها كانت تمول أسواق الجهة بغلالها وثمارها، وفي كثير من الأحيان تروج هذه الثمار في تونس العاصمة بكميات كبيرة عن طريق التجار المروجين للغلال والخضر.

من هنا يمكن تصديق الرواية القائلة بأنّ أصل محمد الطرابلسي الغزي هو طرابلس لبنان، وذلك قبل أن يستقرّ بليبيا.

أما استقراره بليبيا ردحا من الزمن فكان صحبة أخ له اسمه: "سالم". وقد استطاع الأخوان امتلاك أرض زراعية بالجبل الأخضر في ليبيا، ويرجح البعض أنه كان ثريا، وربما كان من عائلة مالكة في طرابلس لبنان.

ويذكر أهالي حمام الأغزاز عن أجدادهم بالتواتر أن هؤلاء الأجداد كانوا يسافرون إلى ليبيا سنويا لجلب محصولهم الزراعي من الجبل الأخضر المذكور، ويؤكدون أن آخر سفرة قام بها أحد الأجداد "الحاج صالح" منذ حوالي مئة وخمسين سنة، وكانت الرحلة الأخيرة، لأن سفينة الحاج صالح المؤجرة، والتي انطلقت من ميناء قليبية محملة بالتوابل وببضائع أخرى، تعطلت في خليج قابس عندما كانت في طريقها إلى ليبيا، وغرقت وغرق هو معها مع ما يملك من وثائق تخص ممتلكات الأغزاز في الجبل الأخضر بليبيا.

ومهما يكن من أمر فمحمد الطرابلسي الغزي لا يمكن أن يكون إلا واحدا من الأغزاز القادمين من الشرق واللاحقين بمن سبقوهم من قبل منذ العهود البعيدة.

وتذكر الروايات المتواترة عن أجداد حمام الأغزاز أن محمد الطرابلسي الغزي لم يأت وحده من الجبل الأخضر بليبيا إلى تونس، بل كان يصحبه أخ له اسمه سالم واستقرّ هذا الأخير في جهة "بني حسان". ولعل من ذرية هذا الأخير، كما يذكر الرواة، أغزاز جهة القيروان. ويؤكد أهالي حمام الأغزاز أن جدهم محمد الطرابلسي الغزي لما جاء إلى تونس حلّ بـ"بني خيار" قرب نابل، وهناك تزوج امرأة من عائلة "بو عجينة" وأنجب منها أبناء وكوّن ثروة هناك. وفي أحد الأعياد قصد جزارا لشراء اللحم لعياله، لكنه وجد صفا، فنادى من خلف الصف مطالبا الجزار بتقديمه اللحم قبل غيره، لكن الجزار قال له: "ترقب دورك"، وآثر عليه أهل البلاد، فثارت ثائرته معتبرا ذلك إهانة له. وعندما رحل من "بني خيار" إلى "جبل كزدغلي" قرب برج قليبية حيث كان يرابط جيش من الأتراك آنذاك. ومنها انتقل إلى "سيدي بوبكر" شمالي حمام الأغزاز حاليا، وهناك تعرف على أهل هنشير الحمام الأصليين الذين كانوا يستقرون بسفح مرتفع وزدرة، وامتلك أرضا بالقسم الجنوبي من الهنشير عن طريق الشراء. وتقول الرواية إنه امتلك جزءا آخر من الهنشير عن طريق الإهداء، واستقر نهائيا قرب عائلة بن فرج الليبية الأصل، وكانت عائلة الغزّي أول نواة لبلدة حمام الأغزاز.

سكان حمام الأغزاز:

نحن الآن في مفتتح الألفية الثالثة من التاريخ الميلادي، وعدد سكان حمام الأغزاز المدينة فقط، كما تقول الإحصائيات يقدر بحوالي ستة آلاف نسمة، ينتمي نسبهم جميعا إلى الجد الأعلى محمد الطرابلسي الغزي باستثناء بعض العائلات مثل عائلة بن فرج والقريوي اللتين كانتا من أصل ليبي، وهما موجودتان قبل مجيء محمد الطرابلسي. وعائلات: الجنحاني (حمّه) وريدان وعبيد وبن عرفي وبن زريبية وعجاج، كل هذه العائلات من قليبية. أما عائلة القربي فهي من قربة، وأصلها قبل ذلك من المغرب.

تاريخ التأسيس:

اعتمادا على تاريخ ولادة الشيخ الحاج رحومة (1222هـ)، وعلى الأجيال السبعة التي سبقته، والتي تقدر بالسنوات (210 سنة) فيكون تاريخ تأسيس حمام الأغزاز حوالي سنة 1012هـ، أي مضى على تأسيس حمام الأغزاز في سنة1422 حوالي 410 سنوات.

4 juin 2009

الطيب بن الطالب حسين بلحاج رحومة: وثيقة نادرة

الطيب بلحاج رحومة يطلب من الباي رخصة لتولي مشيخة الزاوية القادرية في حمام الأغزاز، وفي ما يلي نصها: بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا النبي الكريم. ربنا ولا تُحمّلنا ما لا طاقة لنا به واعفُ عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين الحمد لله ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين لدى شرف سيدنا الأمير، منبع العز وبحر الخير، غيور على المظلوم ويكرم الفقير، ناصر المقهور ويشيل الحقير، ألا وهو السراج المنير، مقترن بعواطف البشير النذير، صاحب الحنانة والبشاشة، سمو الأمير سيدنا احمد باشا. سدد الله أعماله، وبلّغه من الدارين آماله. بعد أداء السلام الواجب في كامل الاحترام، بسط الله عليكم جزيل الإنعام، بجاه سيدنا محمد بدر التمام، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام. نطلب من مشامخ فضلكم أن أكون شيخا على زاوية دشرة حمام الأغزاز، مشيخة قليبية عمل نابل، عوض والدي رحمه الله. وقد كان والدي من قبلي شيخها وأسس فيها بناءات وكتابا بذمة القرآن العظيم وغير ذلك. وكما تكون للصالح من ذرية ذريتي وللقارئ منهم إلى أن يرث الله الأرضَ ومن عليها. عطف الله عليكم غوثها الفضل الرباني والقطب الوحداني سيدي عبد القادر الجيلاني نفعنا الله وإياكم ببركاته، آمين بجاه جدّ الحسنين. والسلام من محررها: الطيب بن الطالب حسين بن الحاج رحومة الغزّي، مُعلّم في القرآن العظيم بالمدرسة القرآنية نهج سيدي بن عروس، محلّ السكنى: نهج سيدي عبد السلام: عدد 13. في حفظ الله دمتم: في 8 ذي الحجة من سنة 1347 هـ (السبت 18 ماي 1929)