"الدّرع" في
حمام الأغزاز (ج1)
فزّعة |
إلى جانب
أصوات "الفوشيك" والمفرقعات، سمعنا
جميعا في حمام الأغزاز خلال الصّائفة المنقضية (2013) أصوات الانفجارات تهزّ حقول
"السّواني" فأزعجت الكثيرين من أهل البلدة والزّوّار وأقضّت مضاجعهم، لا
سيّما الذين اختاروا السّكنى قرب الشّاطئ بحثا عن الهدوء وراحة البال. لم يكن
الأمرُ مجرَّدَ لعبةٍ صبيانيّة، بل كانت طريقة مُبتكرة لطرد الطّيور من حقول
"الدّرع"، وذلك باستخدام "فزّاعة الكترونيّة" « épouvantail
électronique ». هي عبارة عن آلة تعمل بالغاز الطّبيعيّ وتُحدث كلَّ مُدّة معلومة صوتَ انفجار
كبير يفزع العصافير الجائعة التي ترى في حبوب "الدّرع" وجبةً شهيّةً، وبتلك
العمليّة يتمّ تأمينُ "الصّابة" من التّلف والنّقصان بشكل ناجع.
ليست هذه الطّريقة جديدة ولا غريبة عن
الفلّاح في حمام الأغزاز، فقد سبق أن استخدم في الثّمانينات آلة تشبهها تعمل بــ
"الكربون" لطرد العصافير من الكروم (العنب). كما استخدم أيضا قوارير
"الجير" المخلوط بالماء التي يتمّ إحكامُ غلقِها وتحريكها ثمّ تُترك
لتنفجر بعد وقت وجيز نتيجة الضّغط الذي يُحدِثه الجير داخلها.
فزّاعة الكترونية |
وعلى كلّ حال، فوجئ كثير من الغُزّيّة
في هذه السنة بهذه الطّريقة العصريّة في طرد الطّيور أو ما يُعبّر عنه بالدّارجة:
"التّحاحيّة" من الفعل: "يحاحي". فقد تعوّد الفلّاح الغُزّيّ
على الطّرق التقليدية لعمليّة "التّحاحيّة" وهي: - الصّياح. – التّصفير.–
النّقر والضّرب على الأواني القصديريّة أو تجميعها وتعليقها في الخيوط ثمّ
تحريكها. – قذف الأحجار أو الطّوب باليد أو باستخدام "المقلاع". – صنع
الدّوّامات بطريقة تجعلها تحدث ضجيجا عندما يديرها الرّيح. – تعليق أنواع من
الخيوط والأشرطة التي تحدث صفيرا يزداد قوّة مع هبوب الرّياح. – صنع فزّاعات
مختلفة بأشكال وملابسَ بشريّة....
عمليّة طرد الطّيور من حقول الدّرع كان يقوم بها
"الأجراء" أو "المُوافقون" في القديم. وهم العملة الفلاحيّون
الذين يستخدمهم مالك الأرض في الأعمال الفلاحية على مدار السّنة مقابل أجر زهيد.
لكن بعد زوال نظام التّأجير أو "الموافقة" في بداية الثّمانينات، أصبح
الفلّاح يعتمد على الأطفال وصغار السّنّ لتأمين صابة الدّرع. ويعطيهم مقابل ذلك
مبلغا من المال أو قدرا من صابة الدّرع حسب الاتّفاق في البداية. (يتبع)
مزار بن حسن
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire