8 déc. 2013

معهد بورقيبة الثّانويّ بحمام الأغزاز

معهد بورقيبة الثانوي بحمام الأغزاز
بورقيبة يدشن المعهد يوم 22 ماي 1984

معهد بورقيبة الثّانويّ بحمام الأغزاز

كانت فكرة إنشاء معهد ثانويّ بحمام الأغزاز تراود المسؤولين هناك منذ سبعينيات القرن الماضي. وقد انتقلت الفكرة إلى حيّز المشروع مع زيارة محمد المزالي الأولى لحمام الأغزاز في 25 جانفي 1980 عندما كان وزيرا للتّربية. وبعد أن أصبح وزيرا أوّلَ، عاد في زيارة ثانية يوم 13 مارس 1982 مصحوبا بمحمد فرج الشّاذليّ وزير التّربية، فتمّ أثناء ذلك إدراج المشروع ضمن المخطط الخماسيّ السّادس، وقد رُصِدَ له اعتمادٌ قدرُه 437 ألف دينار.
بدأت أشغالُ البناء في أفريل 1983 بإشراف المقاول: العروسي قعلول. والمكان الذي وقع اختيارُه هو مقرّ ضريح الوليّ: "سيدي ناصر جُند الشّاميّين"، وهو في الحقيقة مقبرة قديمة لا نعرف عن تاريخها شيئا. وقد استطاع هذا المقاول أن يُعدَّ ثمان قاعاتٍ ومركّبا إداريّا متكوّنا من ستّة مكاتِبَ وقاعة أساتذة، وذلك للسّنة الدّراسيّة: 1983- 1984. وقد فتحت المدرسة أبوابَها يوم الاثين 19 سبتمبر 1983 بحضور 219 من التّلاميذ المرسَّمين بالسّنتيْن الأولى والثّانية (السّابعة والثّامنة في النّظام الحاليّ) وبحضور البشير الحميدي والي نابل وحسن قضوم المدير الجهوي للتعليم آنذاك.
وفي يوم 22 ماي 1984 قام الرّئيس السّابق الحبيب بورقيبة بتدشين المعهد أثناء زيارته لحمام الأغزاز، وقد حمل المعهدُ اسمَه.
الإدارة
الأساتذة
القيّمون
العملة
-         مدير
-         كاتب متصرّف
-         مستكتبة
-         راقنة
12 أستاذا (10 مرسّمين ومتربِّصان)
-    قيّم عام
-    قيّمان (صنف 1)
4 عملة (عون مخبريّ- عون طباعة ونسخ- عامل مختصّ- عامل تنظيف)

المصدر: مجلّة القلم، العدد الأوّل: 1983- 1984

مزار بن حسن

25 nov. 2013

عائلات غُزِّيّة: عائلة ريدان

عائلات غُزِّيّة: عائلة ريدان




يعود قدوم عائلة ريدان إلى حمام الأغزاز إلى النّصف الأوّل من القرن التّاسع عشر. والسّبب المباشر لقدومهم هو مصاهرتهم لعائلة "بن حمودة". فالرّوايات الشّفويّة تقول إنّ "قاسم بن حمودة" فقدَ جميعَ أبنائه الذّكور إثر ظهور طاعون "الرّيشة" حوالي سنة 1815 فأشار إليه بعض أعيان قليبية وحمام الأغزاز بالزّواج من امراة ثانية لأنّ امرأته الأولى كانت آنذاك عاقرا. فتزوّج "فطّومة بنت امحمّد ريدان" من قليبية (العائلة من قليبية، لكنّ استقرارها كان آنذاك في منزل تميم) وأنجب منها ولديْن وخمسَ بناتٍ. وتقول الحكاية إنّ "فطّومة ريدان" ذهبت في يوم من أيام الصّيف صحبة أطفالها إلى "غرس" زوجها قاسم بن حمودة غير بعيد عن "دمنة البرانى"، فوجدت ثمرة "الخيار" أو "الفقوس"، فقطفت منها بعضَ القطع بدون علم المزارع أو "الخدّام" وبدون مشورته. فلمّا رجع هذا المزارع إلى الغرس ورأى الثّمارَ مقطوفةَ قبل أوانِها وبشكل عشوائيّ، تملّكه الغضبُ واشتكى إلى صاحب الأرض صنيعَ زوجتِه. وهكذا ساءت العلاقة بين "الخدّام" والزّوجة الجديدة التي اعتبرت تصرُّفَه إهانةً لها، فاشترطت على زوجِها طردَه من خدمة الغرس واستِبدالَه بشخصٍ آخرَ. ولم يجد "قاسم بن حمودة" بُدًّا من تنفيذ رغبةِ زوجته، فطرد "الخدّام" وعملَ بنصيحة بعض أصدقائه الذين نصحوه بتعيين صهرِه "الحاج عبد القادر بن امحمّد ريدان" في خدمة الغرس حتّى إذا ذهبت زوجتُه إلى هناك فإنّها تجد أخاها لا شخصا غريبا.

وبقدوم "الحاج عبد القادر" واستقراره في حمام الأغزاز تكوّنت عائلة "ريدان" بإنجابِه لثلاثةِ أبناء هم على التّوالي: "يوسف" ثمّ "عليّ" ثمّ "حسن" كما هو مبيَّن في الشّجرة المصاحِبة للنّصّ.

مزار بن حسن

10 nov. 2013

وفاة الأستاذ الحبيب بن رحومة

وفاة الأستاذ الحبيب بن رحومة



فقدت الأسرة التّربويّة والثّقافيّة بحمام الأغزاز مساء يوم أمس السّبت 9 نوفمبر 2013 أحَد أفرادِها الذين نذروا حياتَهم للثّقافة والفكر والأدب. وهو الأستاذ الحبيب بن رحومة.
وُلِد الحبيب بن مُحمد بن صالح بن عبد الرّحمان بن عليّ بن رحومة يوم الأربعاء 4 مارس 1953 بحمام الأغزاز وزاول تعلّمه الابتدائيّ بها والثّانويّ بمنزل تميم ونابل. ثمّ انتقل إلى تونس ليتحصّل سنة 1975 على الأستاذيّة في اللّغة العربية وآدابِها من كلّية الآداب.
اشتغل في الصّحافة إلى جانبِ تدريسِه لمادّتيْ العربية والفرنسيّة في المعاهد التونسية. وقد نشر عدّة مقالات في الأدب والفكر والاجتماع والبيداغوجيا على صفحات عديد الجرائد التّونسيّة والعربية.
صدر له في أكتوبر 1989 عن دار الأخلّاء كتاب نقديّ في الأدب القديم بعنوان: "المعرّيّ شخصيّة إسلاميّة: إصلاحا أم إعادة بناء؟"
كما صدر له ضمن سلسلة "الأخلّاء" (عدد 265) كتاب يحتوي على مجموعة قصصيّة بعنوان: "امرأة في حياتي" في أوت 2007. وقد قمت في ذلك الوقت بتقديم الكتاب في شكل مقال منشور بمدوّنة: "دمنة" على الرّابط التّالي: http://dimnaghozzya.blogspot.com/2008/02/blog-post.html
كما نعلم أيضا أنّ له كتبا أخرى لم ترَ النّور ونرجو أن لا تضيعَ بعد وفاتِه مثل:
-         عند الاخضرار أُحبّكِ (مجموعة قصصيّة).
-         انتصر أبو وجدان.. لامرأة العقل أم الوجدان؟
-         حمّام الأغزاز ماضيا وحاضرا ومستقبلا (دراسة).
رحم اللّه الفقيد ورزقَ أهلَه الصّبرَ الجميلَ.
                  مزار بن حسن

10 oct. 2013

"الدّرع" في حمام الأغزاز (ج1)

"الدّرع" في حمام الأغزاز (ج1)

فزّعة

 إلى جانب أصوات "الفوشيك" والمفرقعات، سمعنا جميعا في حمام الأغزاز خلال الصّائفة المنقضية (2013) أصوات الانفجارات تهزّ حقول "السّواني" فأزعجت الكثيرين من أهل البلدة والزّوّار وأقضّت مضاجعهم، لا سيّما الذين اختاروا السّكنى قرب الشّاطئ بحثا عن الهدوء وراحة البال. لم يكن الأمرُ مجرَّدَ لعبةٍ صبيانيّة، بل كانت طريقة مُبتكرة لطرد الطّيور من حقول "الدّرع"، وذلك باستخدام "فزّاعة الكترونيّة" « épouvantail électronique ». هي عبارة عن آلة تعمل بالغاز الطّبيعيّ وتُحدث كلَّ مُدّة معلومة صوتَ انفجار كبير يفزع العصافير الجائعة التي ترى في حبوب "الدّرع" وجبةً شهيّةً، وبتلك العمليّة يتمّ تأمينُ "الصّابة" من التّلف والنّقصان بشكل ناجع.

ليست هذه الطّريقة جديدة ولا غريبة عن الفلّاح في حمام الأغزاز، فقد سبق أن استخدم في الثّمانينات آلة تشبهها تعمل بــ "الكربون" لطرد العصافير من الكروم (العنب). كما استخدم أيضا قوارير "الجير" المخلوط بالماء التي يتمّ إحكامُ غلقِها وتحريكها ثمّ تُترك لتنفجر بعد وقت وجيز نتيجة الضّغط الذي يُحدِثه الجير داخلها.

فزّاعة الكترونية

وعلى كلّ حال، فوجئ كثير من الغُزّيّة في هذه السنة بهذه الطّريقة العصريّة في طرد الطّيور أو ما يُعبّر عنه بالدّارجة: "التّحاحيّة" من الفعل: "يحاحي". فقد تعوّد الفلّاح الغُزّيّ على الطّرق التقليدية لعمليّة "التّحاحيّة" وهي: - الصّياح. – التّصفير.– النّقر والضّرب على الأواني القصديريّة أو تجميعها وتعليقها في الخيوط ثمّ تحريكها. – قذف الأحجار أو الطّوب باليد أو باستخدام "المقلاع". – صنع الدّوّامات بطريقة تجعلها تحدث ضجيجا عندما يديرها الرّيح. – تعليق أنواع من الخيوط والأشرطة التي تحدث صفيرا يزداد قوّة مع هبوب الرّياح. – صنع فزّاعات مختلفة بأشكال وملابسَ بشريّة....
عمليّة طرد الطّيور من حقول الدّرع كان يقوم بها "الأجراء" أو "المُوافقون" في القديم. وهم العملة الفلاحيّون الذين يستخدمهم مالك الأرض في الأعمال الفلاحية على مدار السّنة مقابل أجر زهيد. لكن بعد زوال نظام التّأجير أو "الموافقة" في بداية الثّمانينات، أصبح الفلّاح يعتمد على الأطفال وصغار السّنّ لتأمين صابة الدّرع. ويعطيهم مقابل ذلك مبلغا من المال أو قدرا من صابة الدّرع حسب الاتّفاق في البداية.  (يتبع)
مزار بن حسن


8 sept. 2013

حمام الأغزاز في ويكيبيديا العربية

حمام الأغزاز إحدى معتمديات الجمهورية التونسية، تابعة لولاية نابل. تأسّست على الأرجح في القرن السابع عشر وبنيت في القرن الثامن عشر على يد مهاجرين اتراك قدموا من الشرق واندمجوا مع الاهالي. يعرف اهل حمام الاغزاز بالغُزّيّة نسبة إلى مؤسسها محمد بن عليّ الطرابلسيّ الغُزّي (نسبة إلى قبائل الغُزّ التركية التي اسست الامبراطورية العثمانية في الاناضول سنة 1299). أما لقب الطرابلسيّ فهو يعود إلى مدينة طرابلس اللّبنانيّة كما تؤكد ذلك جميع الروايات الشفوية التي يتناقلها كبار البلدة في ما بينهم. بعد رحلة طويلة من طرابلس لبنان إلى تونس مرورا بمصر وليبيا، حاول محمد الطرابلسي الغزي الاندماج مع سكان الساحل التونسي والقيروان. غير أنّه اختار الوطن القبليّ في الأخير وتزوّج من امرأة من "بني خيار" تدعى آمنة بوعجينة. وبعد خلاف بينه وبين أهلها ترك بني خيار وذهب صحبة زوجته ليستقرّ بهنشير الحمام قرب قليبية. وتمكّن من شراء الجهة القبليّة الشرقيّة من هذا الهنشير ومجاورة "الدبابة" الذين يقطنون في الجهة الجوفية الشمالية من نفس المكان.
يبلغ تعداد سكان حمام الاغزاز 10254 نسمة.
تتمتع حمام الاغزاز بشاطئ رملي يعد من أجمل الشواطئ التونسية.إذ تمتد على طول 3 كم من "بيت العسة" أو "المنشار" إلى "دمنة" مرورا بـ"سيدي منصور" أو "رأس الملاح". و تعد حمام اللأغزاز مكانا رائعا للسكني إذ يسود بها الهدوء وقلة الضجيج الموجود عادة في المدن ويزورها عددا لا بأس به من السياح من داخل ومن خارج البلاد التونسية يقارب 700 سائحا في الصيف بالرغم من عدم وجود مرافق سياحية مثل النزل والملاهي. و موقع حمام الأغزاز الجغرافي هام جدا إذ هي قريبة من مدينة قليبية (حوالي 2.5 كم) ومن آثار كركوان التارخية الهامة ومن برج قليبية البزطي الشهير، والأهم من ذلك تعد حمام الأغزاز من أقرب الأراضي التونسية المطلة علي السواحل الإطالية.والأنشطة الفلاحية في حمام الأغزاز متنوعة مثل الحبوب والطماطم والبطاطا والخضر بجميع أنواعها والزيتون والتين والدرع الفلفل والتوابل... وبها سبخة كبيرة جدا تمتلأ في فصل الشتاء بالماء وفي الصيف تجف وتعد محطة هامة لراحة الطيور المهاجرة من إفريقيا إلي أروبا والعكس كذلك.
المصدر:

6 sept. 2013

Cinéma Ghozzya: "Fils de pauvreté" de Nidhal Ben Hussein: Médaille de Bronze" UNICA (Autriche)


Cinéma Ghozzya: "Fils de pauvreté" de Nidhal Ben Hussein: Médaille de Bronze" UNICA (Autriche)

28 août 2013

المدرّعة أو المدمّرة الانجليزية HMS Havock (H43)

المدمّرة بعد أكثر من 70 سنة من غرقها. تصوير: أنيس التونسي

في يوم 6 أفريل من سنة 1942 جنحت الباخرة الحربية الانجليزية (أو المدمِّرة Destroyer) HMS Havock (H43) إلى شاطئ سيدي منصور وعلقت برماله معلنة انتهاء رحلتها التي لم تدم طويلا منذ تاريخ صنعها بمدينة Dumbarton السكتلندية يوم 16 جانفي 1937، وقد كلفت الجيش البريطاني آنذاك 248470 جنيها استرلينيا.
"هافوك" هي التسمية الجرمانية لكلمة: « Hawk » الانجليزية وتعني: طائر "الباز" أو "البرني". في حمام الأغزاز يُطلق عليها الآن اسم "المدرّعة" (Cuirassé) وقديما كانت تُسمّى "السكادرة" ((L’escadre. يبلغ طول هذه المدمِّرة 98.5 مترا وعرضها 10.1 مترا وترتفع عن سطح البحر 3.8 مترا. وتصل سرعتها إلى 68 كلم في الساعة رغم أنها قادرة على حمل 1913 طنا من الأسلحة والذخيرة والمؤونة.

HMS Havock (H43)
بدأت رحلة "هافوك" مع الحرب الأهلية الاسبانية التي انتهت سنة 1939. كما ساهمت في ملاحقة السفن الألمانية في المحيط الأطلسي في الأيام الأولى من الحرب العالمية الثانية. ثم شاركت في "حملة النرويج" بين أفريل وجوان 1940 قبل أن تدخل إلى البحر الأبيض المتوسط لحماية مجموعة من السّفن المتّجهة إلى مالطة. كما شاركت أيضا في معارك أخرى في اليونان ومعركتي سرت الأولى والثانية (ديسمبر 1941- مارس 1942) وتعطبت مرات كثيرة لعلّ أكثرها خطورة هو الذي حصل يوم 3 أفريل 1942 جراء غارات جوية قامت بها قوات المحور. عندها قرر ربان السفينة: " Geoffrey Robert Gordon Watkins" أن ينتقل إلى "جبل طارق" لإصلاحها ومتابعتها هناك. لكنّ السّفينة جنحت به يوم الاثنين 6 أفريل 1942 وعلقت برمال سيدي منصور، وتحديدا في التموقع التالي: 36°52′18″N   11°8′24″E.

صورة المدمرة وهي عالقة بسيدي منصور في 1942
وعندما خرج النّاجون منها (وكلهم من الانجليز) اعتقلتهم قوات الجندرمة الفرنسية التي كانت تابعة آنذاك لحكومة "فيشي" الموالية للنّازيّين وعاملتهم معاملة سيّئة ثم قادتهم إلى سجن "الأغواط" بالجزائر ومكثوا هناك إلى أن استرجع الفرنسيون بلادهم من الاحتلال الألمانيّ.
وتُظهر الصورة الثالثة أعلاه أنّ السفينة تعرضت لتفجير في مقدمتها من الأسفل. وقد أكّدت لنا الروايات الشفوية التي يرويها لنا كبار السّنّ في حمام الأغزاز أنّ ربّان السفينة هو الذي قام بذلك بنفسه. كما أفادوا لنا أنّ الجزء الخلفي الذي يبدو في الصورة مستقلّا عن السفينة إنما هو مروحتها (Hélice) وقد انفصلت عن البقيّة.
وقد استغلّ شباب حمام الأغزاز آنذاك الفرصة للدخول إلى المدمّرة واستكشافها واستخراج ما بها من المعدّات والأسلحة والذخيرة لاستخدامها في ما بعد في الصيد البحري وفي عمليات مقاومة المستعمر. كما استُخرج منها الوقود بكميات كبيرة، باعتبار أنّ سعة خزّانها تصل إلى 480 طنّا من "المازوط" كما تقول المصادر المكتوبة. ومثلت أيضا موردا هاما للنحاس الذي كان مطلوبا في السوق السوداء آنذاك.

 صورة من القمر الصناعي للمدمّرة في شاطئ سيدي منصور

مزار بن حسن
المصادر:

12 juil. 2013

إطلالة على ديوان "قلب نباتيّ ساذج" للشاعر التونسي مجدي بن عيسى

إطلالة على ديوان "قلب نباتيّ ساذج" للشاعر التونسي مجدي بن عيسى

محمد نجيب هاني

كل الحياة تبتدئ بالشعر و تجعل من العذوبة و الأماني شركا يسقط فيه المقتربون من الضوء .. كما كانت الاحلام اداة الشاعر لتشكيل الواقع و تجاوز مرارة العصر و المصر في عالم اجمل بينلا احضان القصيدة.. ربما من هذا المشهد جاء الشعراء و من العسر المتجذر في الإنسان جاء ربما الجنون .. وفي هذا المنحى كانت مقولة الشاعر محمد علي شمس الدين في " كتاب الطواف " لنعترف أن للجنون جاذبية .. كثيرا ما غرف منها الإبداع .." وبين الابداع والجنون حكاية قديمة قدم الانسان و قدم روح الابداع والخلق والتشكيل في هذا الكائن.. بين الابداع والجنون حكاية أو بالاحرى صورة يرسمها كل مبدع بطريقته و رؤيته .. اليوم اختار لنا الصديق الشاعر التونسي مجدي بن عيسى ان يرسم لنا رؤاه الخاصة انطلاقا من هذه العلاقة فتجاوز الموجود و تحدى الواقع وارتفع عن الأمكنة و تصدى لسرعة الازمنة في ديوان جديد له صدر مؤخرا اختار له "قلبي نباتي ساذج".

الاثر الشعري صدر في طبعة أنيقة من الحجم المتوسط عن دار زينب للنشر و قد ضمّ بين دفتيه حوالي تسع وسبعين صفحة احتوت على واحد و ثلاثين نصا شعريا بوّبها او بالاحرى صنّفها صاحبها تحت خمسة عناوين وهي بالترتيب "ارواح مانوسة عن الموت والفقد والحنين " - التباسات - الوصايا -ليليات "تقاسيم على مقام الظلمة " -
المرايا "حواريات ".

من قراءة اولى تجد ان هذا الديوان حضرت فيه اشكال جديدة من الحداثة الشعرية على مستوى المبنى و المعنى .. اقترنت فيه المتناقضات الفرح و الوجع .. الالم و الامل .. الظلمة و النور .. التشاؤم و التفاؤل ..
يقول مجدي بن عيسى في ص28:
"أكوّر الدقائق الصغيرة الملساء 
أكوّر السماء 
و العب مع الزمان لعبة الخفاء 
أنا أصابع الوقت التي تشدني الى نهايتي ...
أنا العراء 
أنا الزمان خالصا 
من لحظة التكوين حتى أخر تلويحة لعشبة 
ترفّ في الهواء "..

في منحى اخر حضرت في مجموعة القصائد المرأة كما حضر الوطن كما حضر ايضا التاريخ .. عناصر بحث عنها الشاعر بكل ما فيه من حزن و بكل ما رسمت ريشته من الم تجاه هذه العناصر الثلاثة التي شكلت وجع عصره و مصره .يقول الشاعر ( ص22):
"ترى ماذا تفعل الأيام بالناس 
تمد لهم من الامال أسبابا
و تعنتهم 
ترى الأشجار واقفة ..
ترى العشب الذي ينمو 
ترى الزهر قصير العمر لا يشكو و لا يأسى 
و قلبك بعد محزون 
تقلّبه على جمر الأسى الأيام و الذكرى .."

تعتري الشاعر حالة الزهد من فراغ المعنى ليعود لتقييم قيمة الوقت 
حين يكرر سأمه من مسألة الإمساك بالزمن الذي ما يفتأ يفر منا برضا أو دونه " انّ النهار الذي يطلع الان خلف الهضاب ..سيدفع أعمارنا أبدا في طريق الممات .."
وبالنهاية يعود الشاعر لذاته مواسيا اياها بفتح ابواب جديدة يستشرف من خلالها الخير ..
أن تجربة مجدي بن عيسى الشعرية في هذا الديوان تفتح إمكانية التأمل للجمالية الشعرية و دورها في تأصيل جوهر الشعر باعتبار القصيدة وجودا للغة فهو يعيد تشكيل الظهور الأساسي للحياة لتظهر القصيدة في نهاية الأمر كأنها قراءة تأويلية للوجود إذ إن القصيدة لا تحاكي الوجود بل تتمثله على نحو نرى فيه الشاعر يجازف بما في داخله بمقولات الكون و الصور الحياتية..
بين المبنى و المعنى كان صوت مجدي بن عيسى خارجا عن المالوف ما يجعله نقطة مضيئة في المدونة الشعرية التونسية تستحق اكثر للاشتغال النقدي ..


16 mai 2013

الشّاعر فرج بن عرفي (1881- 1963)


الشّاعر فرج بن عرفي (1881- 1963)


هو فرج بن الحاج أحمد بن الحاج سليمان بن الحاج فرج محفوظ. ينتمي إلى عائلة علم وتربية وتعليم يرجِعُ أصلُها إلى المُؤدّب الحاج فرج محفوظ القصريّ الذي أتى به القاضي أحمد بن عمار بن عبد الدّايم الغُزّيّ (تُوُفِّيَ سنة 1828) إلى حمام الأغزاز من قليبية حوالي سنة 1784 لتدريس أبناء البلدة القرآن الكريم. لذلك لقّبه الغُزّيّة بـ"عرفي"، أي مُعلّمي، احتراما لوظيفتِه التّربوية ومكانتِه العلميّة. وقد وُلد شاعِرُنا فرج بن عرفي بحمام الأغزاز في 8 أفريل 1881. وأمُّه هي فطّومة بنت الحاج امحمد بن علي بن عبيد.
اشتغل مع إخوتِه بفلاحة الأرض التي تملكُها عائلتُهم وخاصّة "غرس البَنْية" الذي تفنّن في العناية به وبأشجاره المُثمِرة ونباتاتِه النّادرة التي كان فلّاحو الأغزاز يُتقِنون زراعتَها وخدمَتَها مثل الزّعفران والآس وشجرة "الزّيزفون" التي ما زالت موجودة إلى الآن في هذا "الغرس".
وكان أيضا كغيره من الغُزّيّة في ذلك الوقت مولعا بالصّيد البرّي بكافّة أنواعِه، وخاصّة صيد السّاف وتربيته (البَيْزرة). كما كان يشارك أصدِقاءَه من الصّيّادين في إقامة "الصّفّ" ضدّ الذّئاب: وهي طريقة صيد جماعيّة تقوم على إخافة الذّئاب وطردِها ثمّ اصطِيادِها نظرا إلى ما كان يُسبّبه الذّئب آنذاك من أضرار للماشية التي ترعى على سفوح جبل "وزدرة". و"الصّفّ" هو مناسبة احتفاليّة يشارك فيها الشّباب وتحدُثُ فيها المغامرات والطّرائف والنّوادر التي تكون في ما بعدُ موضوعا لنظم الأشعار والتّنافس بين الشّعراء في ما بينهم.
وللأسف ضاع كثير من شعر فرج بن عرفي، وما زالت رحلةُ البحث عن بقاياه متواصِلةً. ولعلّ أشهرَ "الملزومات" التي ما زالت محفوظة في الذّاكرة الشفوية الغُزّيّة هي الملزومة التي قالها ساخرا من غريمه الشّاعر مُحمد موسى مُعتَبِرا إيّاه فلّاحا فاشِلا ومطلعها:

الحاج موسى يخترع   خذي سانية قطانية ودرع   طلع الجذر قد الصبع  والبوشريك غزير
ولكنّ الردَّ كان قاسِيا من محمد موسى إلى درجة تهديده بالسّلاح إن واصلَ هِجاءَه وسُخريتَه. وسنقوم لاحقا بنشر هذه الأشعار عند الحديث عن الشّاعر محمد موسى.
إلى جانب ذلك كان فرج بن عرفي أيضا معروفا في حمام الأغزاز بتقويم الأعضاء، فهو الذي يقوم بتجبير الأعضاء المكسورة باستخدام القصب والقماش وغير ذلك من الوسائل التّقليديّة.
توفّي فرج بن عرفي في 17 مارس 1963 أثناء وجوده بقربص للاستحمام والاستشفاء بالمياه المعدنيّة، وقد خلّف من الأبناء خمسَ بناتٍ وأربعةَ أولاد.

مزار بن حسن