20 mars 2014

ذكرى وفاة الشّاعر: الحاج مُحمد حمّادة (1839- 1912)


ذكرى وفاة الشّاعر: الحاج مُحمد حمّادة (1839- 1912)

في مثل هذا اليوم، وبالتحديد في يوم الأربعاء 20 مارس 1912، (1 ربيع الثّاني 1330هـ)، تُوفّي شاعرُ حمّام الأغزاز وقَلبُها النّابِض: الحاج مُحمد حمّادة عن عُمرٍ ناهز ثلاثةً وسبعينَ عاما. والِدُه هو الحاج مُحمد (شُهِرَ "حمّادة"، ومنه انحدرت عائلة "حمّادة" في حمام الأغزاز) بن أحمد بن علي بن عبد الدّائم بن مُحمد غُزّيّ الطّرابلسيّ. وأُمُّه هي عائشة بنت الحاج مُحمد بن عيسى بن الحاج سالم بن عبد الدّائم بن مُحمد غُزّيّ الطّرابلسيّ.
وُلدَ مُحمد حمّادة حوالي سنة 1839 بحمام الأغزاز، وبها نشأ وترعرع. عُرف منذ صغر سنّه بذكائه الوقّاد ونبوغه المبكّر وإحساسه المرهف. امتهن حرفة النّجارة وأصبح نجّارا معروفا في كامل الجهة. ورغم أنّه لم يكن مُتعلّما، إلّا أنّه كانَ خبيرا مُعتمَدا في قسمة الأراضي وقيسها وتعديلها ومِمَّن إليهم المرجِعُ في ذلك. ويُروى أنّ له شهادة من الدّولة العِلّيّة (الباي) تُخوّل له ذلك. كما تشهد كثير من وثائق الشّهادة العدليّة على قيامه بقسمة أراضٍ و"هناشير" في حمام الأغزاز وقليبية وكركوان، وحتّى خارج الوطن القبليّ.
أُثِرتْ عن شاعِرنا الحاج مُحمّد حمادة قصائِدُ وغناء وطرائفُ وأخبارٌ وأقوالٌ جرت مجرى الأمثال. لكنّ الأجيالَ اللّاحقةَ في حمام الأغزاز كانوا للأسف مُقصِّرين، إذ لم يُوثّقوا لنا تلك المادّة الأدبيّة، فلم يتبقَّ لنا اليوم منها إلا النّزرُ القليلُ الذي لا يكاد يشفي الغليل.
فمن أشهرِ أشعاره:
-         قصيدة الأمكنة التي تُعتبرُ وثيقة تاريخيّة هامّة توثّق أسماء كثير من المواضع في حمام الأغزاز.
-         قصيدة: "عذّبني همّ السّنيان" وهي من أجمل ما قيل في وصف عمليّة "السّني" وما يصحبها من متاعب.
-         قصيدة: "طول عمري في الهزب" التي قالها ساخِرا من "شيخ النّجع" الذي حلّ بحمام الأغزاز.
-         قصيدة: "ياما ما ناخوشي غُزّيّ" التي غزت شُهرتُها كامل الجهة، والتي قالها ساخرا من امرأة غُزّيّة رفضت الزّواج برجل غُزّيّ.
-         قصيدة: "يا بطنتي عملت العار" التي قلع على إثرها أضراسَه.
إلى غير ذلك من القصائد والحكايات التي سنتعرّض إليها لاحِقا في مقال آخر.
عاش الحاج مُحمّد حمادة في آخرِ حياتِه بحمام الأغزاز. وكان سيِّدا مَهيبا في قومِه، يمتلك سلطة روحيّة ومعنويّة، ويحتكم إليه النّاس في ما يشجر بينهم من خلافات. وكان عاشِقا للحياة والجمال والفنّ، حُرّا أبِيًّا، كارِها للظّلمِ وأهلِه، نصيرا للحقّ وأصحابِه.
رحل الحاج حمادة في مُستَهلّ ربيع سنة 1912، وفي أحبّ الأوقاتِ لديه، لأنّه وقتُ موعدِه مع عشيقه "السّاف"، ذلك الطّائر الجارح الذي يمرّ في ذلك الوقتِ من كلّ سنة متّجها إلى أوروبا. لم يشأ القدَرُ إذن أن يَلتقيَ العاشِقان في تلك السّنة، فرحل "السّاف" بدون "الحاج حمادة"، ورحل الحاج حمادة بدون "ساف"، ولسانُ حالِه يقول: (مِن شِعرِه)

حليلي اللي ما عندو ساف          زوّالي وبارد الأكتاف

ترك الحاج محمد حمادة ستة أبناء من زوجته الأولى (آمنة بنت أحمد بن عليّ بن قاسم بن عليّ بن عبد الدّائم الغزّيّ) وهم: عبد الرّحمان وفاطمة الكبرى وحورية ورقيّة وخدّوجة وعائشة. وسبعة أبناء من زوجته الثّانية (عائشة بنت أحمد بن الحاج عليّ بن الحاج صالح) وهم: حمّادة ومُحمّد (شهر العريبي) وعليّ (شهر عليّة) وبوبكر وصالحة وآمنة وفاطمة الصّغرى.

ملاحظة: الصّورة المصاحِبة للنّصّ أعلاه هي اسم الشّاعر مكتوبا بخطّ يده من وثيقة مؤرّخة في 14 أفريل 1894.

مزار بن حسن

Aucun commentaire: