24 janv. 2008

تاريخ أهم المؤسسات الدينية بحمام الأغزاز: مزار بن حسن (الجزء الأول)

تاريخ أهم المؤسسات الدينية بحمام الأغزاز
من خلال وثائق من الأرشيف الوطني
(1875- 1954م/ 1292- 1374هـ)
(الجزء الأول)
مزار بن حسن
المؤسسات ذات الصبغة الدينية (الإسلامية) في حمام الأغزاز عددها محدود، فقد وُجد في تاريخ البلدة أربعُ مؤسسات إذا أردنا أن نعدّها عدا: - المسجد العتيق – الجامع الحديث – زاوية سيدي عبد القادر الجيلاني – زاوية سيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري. ولا نعرف عن تاريخ هذه المؤسسات الأربع شيئا سوى ما تنقُله لنا بعض الروايات الشفوية التي لا يمكن الاعتمادُ عليها بارتياح من الناحية التاريخية التوثيقية. لكنّ الجديد في هذه المسألة هو أني عثرت مؤخرا في الأرشيف الوطني التونسي على عدد لا بأس به من الوثائق التي من الممكن أن تُنير الطريق نحو معرفة المزيد من تفاصيل تاريخ الجهة وهُويتها الثقافية. والوثائق تتعلق بمراسلات بعث بها بعضُ أهالي حمام الأغزاز إلى ولاة الأمور، أو مراسلات بين مسؤولين كبار ومسؤولين في الجهات في شأن مسائل تهم المؤسسات الدينية في المكان وطرق تسييرها وتصريف شؤونها. لكنّ هذه الوثائق لن تُعنى سوى بالمعالم الثلاثة الأولى من المعالم الأربعة التي ذكرناها، أي: المسجد العتيق وزاوية سيدي عبد القادر والجامع الحديث. 1. المسجد العتيق: · الوثيقة رقم1: إن أقدم وثيقة تحصلنا عليها تخصّ المسجدَ العتيق، وهو أول مسجد للصلاة بني في حمام الأغزاز، (ويقال إن القاضي احمد بن عمار المتوفى سنة1828م (1244هـ) هو الذي أمر ببنائه في أواخر القرن 18م/ 12هـ أو بداية القرن 19م/ 13هـ). هذه الوثيقة هي تقرير بعث به عامل الوطن القبلي إلى الوزير الأكبر خير الدين باشا في العاشر من ربيع الثاني 1292هـ (1875م) يخبره فيه عن عدد المكاتب (أو الكتاتيب) لتعليم الصبيان القرآن في الوطن القبلي، ويُطلعُه على حال المؤدبين وظروف سير عملهم. وقد ورد ذكر المسجد العتيق في معرض حديثه عن مكاتب بلد "قصر قليبية" فذكر أن المكتب السابع هو "بدشرة حمام الأغزاز من توابع بلد قليبية، وهو بيت بصحن جامعها، مؤدبُه الإمام سي محمد بن سليمان بن حسين، وبه ثمانية عشر تلميذا كلهم (مقبلين) على القراءة، وحال المؤدب مستقيم موفرة فيه شروط التعليم"[1]. (انظر الوثيقة رقم1). ما نفهمه من هذه الوثيقة هو أن المسجد العتيق في ذلك الوقت (1875م) كان به صحن، وانّ هذا الصحن به بيت يُتخذ كُتابا لتعليم الصبية. كما تفيد الوثيقة أيضا أن المؤدب محمد بن سليمان بن حسين (وهو جد عائلة المؤدب في حمام الأغزاز) كان إماما، ومن الطبيعي أن يكون إماما لذلك المسجد الذي يدرس فيه لا لمسجد آخرَ. ومن الطبيعي أيضا أن يكون إماما للصلوات الخمس لا امام جمعة، والسبب في ذلك أنّ هذا المسجد لن يصبح جامعَ خطبة إلا في سنة 1894م (1311هـ) كما سنرى في الوثائق التالية. وبالرجوع إلى شجرة الأستاذ مصطفى بن الحاج علي نجد فيها: مُحمد بن سليمان بن امحمد بن حسين بن امحمد بن عبد الدايم. ونعلم أنّ له ابنا اسمه الهادي بن محمد بن سليمان (وكان ابنه هذا متحصلا على شهادة التطويع في جامعة الزيتونة، وتوفي في 5 جويلية 1917 كما هو مُثبَت على قبره بحمام الأغزاز). وفي دفتر احصاء سنة 1862م (1278هـ) ذُكر اسمُ هذا المؤدب الإمام وأنّ عمره في تلك السنة 45 عاما[2]، مما يعني أنّ ولادته كانت على الأرجح سنة 1817م (حوالي 1233هـ)، وأنّ عمرَه في تاريخ كتابة هذه الوثيقة (أي في 1875م) كان 58 عاما تقريبا. · الوثيقة رقم 2: وهي مكتوب من أهالي حمام الأغزاز يحمل توقيع 45 رجلا منهم إلى الوزير الأكبر محمد العزيز بو عتور بتاريخ 14 أفريل 1894 (8 شوال 1311)، يخبرونه فيه بأنّ قريتهم كثر عدد سكانها (300 رجلا) فيُضطرّون إلى الذهاب إلى قليبية لإقامة صلاة الجمعة بها باعتبار أن مسجدهم مخصص للصلوات الخمس فقط، ولذلك فإنهم يطلبون الإذن في إقامة صلاة الجمعة بحمام الأغزاز وانتخاب مَن يصلح للإمامة والخطبة من فقهائهم[3]. ¬ ما نفهمه من هذه الوثيقة أن الخطة التي يطلبها أهل البلدة هنا هي خطة إمامة الخمس والخطبة معا، مما يعني - كما قلنا سابقا- أنّ المسجد القديم كان قبل هذا التاريخ (1894) مقتصرا على الصلوات الخمس فقط دون الجمعة، كما يعني أيضا أن خطة إمامة الخمس في هذا التاريخ كانت شاغرة مما اضطرّ الأهالي إلى طلب ملئها، وهو ما يدفعنا بدوره إلى اعتبار هذه السنة تاريخَ وفاة إمام المسجد السابق محمد بن سليمان بن حسين[4]. · الوثيقة رقم 3: هي نسخة أمر علي مخاطَب به الوزير الأكبر بتاريخ ماي 1894 (ذي القعدة 1311) بجعل المسجد الكائن بحمام الأغزاز جامع خطبة تقام فيه صلاة الجمعة والعيدين[5]. · الوثيقة رقم 4: هي مكتوب بشهادة العدلين قاسم بن الحاج صالح بن حمودة ومحمد الصادق قارة وبشهادة 131 رجلا من حمام الأغزاز، ومؤرخ في يوم الجمعة 22 جوان 1894 (19 ذي الحجة 1311)، يعربون فيه عن اتفاقهم جميعا على إمامة الفقيه عبد الرحمان بن الحاج محمد بن الحاج علي بن الحاج صالح بالمسجد العتيق وأنه ممن يصلح لهذه الخطة. وتجدر الإشارة إلى أن الإمام السابق محمد بن سليمان بن حسين ليس مذكورا من بين الشهود لا في هذه الوثيقة ولا في الوثيقة رقم 2، مما يعزز وفاة هذا الإمام في ذلك الوقت[6]. · الوثيقة رقم 5: هو نسخة أمر مطاع بتاريخ 18 أوت 1894 (17 صفر 1312) تضمّن ولاية الفقيه عبد الرحمان بن الحاج محمد بن الحاج صالح إماما وخطيبا بجامع القرية يقيم به الصلوات الخمس والجمعة والعيدين[7]. · الوثيقة رقم 6: هي مراسلة من عامل الوطن القبلي محمد الشاذلي العقبي إلى الوزير الأكبر محمد الطيب الجلولي بتاريخ يوم الخميس 23 ديسمبر 1920 (11 ربيع الثاني 1339)، يعلمه فيه بوفاة الإمام عبد الرحمان بن الحاج صالح يوم الاثنين 13 ديسمبر 1920[8]. ¬ إذا اعتمدنا هذه الوثيقة مع وثيقة أخرى هي دفتر إحصاء سنة 1862 (1278هـ)[9] الذي ذُكر فيه عبد الرحمان بن الحاج صالح وهو عمره 3 سنوات أصبحنا شبه متأكدين أنّ هذا الإمام ولد حوالي 1859 وتوفي بالضبط في يوم الاثنين 13 ديسمبر 1920 عن عمر يناهز 61 سنة. · الوثيقة رقم 7: مكتوب بشهادة العدلين: محمد بن حميدة وعلي بن محمد الغربي بتاريخ الأحد 11 جمادى الثانية 1339 (فيفري 1921)، يشهد فيها 66 رجلا من حمام الأغزاز بأن الشيخ علي بن امحمد بن الحاج رحومة بن حسين المدرس بجامع حمام الأغزاز يصلح لتولّي منصب إمامة هذا الجامع عوضا عن الشيخ عبد الرحمان المتوفّى. وتفيدنا هذه الوثيقة بأن هذا الشيخ كان مدرّسا بالجامع القديم قبل أن يتولّى إمامتَه[10]. · الوثيقة رقم 8: "ورقة إخبارية" في شأن علي بن الحاج رحومة المنتخب لإمامة جامع حمام الأغزاز (بطاقة عدد 3) بتاريخ مارس 1921 ، أهم ما ورد فيها من معلومات أنه ولد سنة 1876 وله أربعة أولاد (عمره حوالي 45 سنة)، متحصل على رتبة التطويع بالجامع الأعظم ولا يتقن اللغة الفرنسية، وهو مباشر لخطة العدالة بقليبية، أما مكاسبه من الريع والعقار فهي قليلة[11]. · الوثيقة رقم 9: نسخة أمر علي بتاريخ 20 جوان 1921 (13 شوال 1339) تضمّن ولاية الفقيه العدل علي بن الحاج رحومة إماما للصلوات الخمس والجمعة والعيدين عوض من كان قبله[12]. · الوثيقة رقم 10: مكتوب من قاضي نابل محمد الأمين بن عبد الله إلى وزير العدلية عبد الجليل الزاوش بتاريخ 24 جويلية 1940 يُعلمه فيه بوفاة الشيخ علي بن الحاج رحومة في 25 جوان 1940[13]. [1] الأرشيف الوطني: السلسلة التاريخية: 413/ 35/ وثيقة رقم 42213. [2] انظر الارشيف الوطني، دفتر احصاء عدد 843 (ص139- 140). [3] الارشيف الوطني: D/69/2: الوثيقة 6. [4] إذا اعتبرنا سنة 1817 (1233هـ) سنة ولادة الإمام محمد بن سليمان بن حسين وسنة 1894 (1311) سنة وفاته فإنه يكون قد توفي عن سن تناهز 77 عاما. [5] الأرشيف الوطني: D/69/2 : الوثيقة 2. [6] الارشيف الوطني: D/69/2 : الوثيقة 4. [7] الأرشيف الوطني: D/28/7/1 : الوثيقة 1. [8] الأرشيف الوطني: D/28/7/2 : الوثيقة 1. [9] الارشيف الوطني: دفتر إحصاء عدد 843 (ص 139- 140). [10] الارشيف الوطني: D/28/7/2 : الوثيقة 8. [11] الارشيف الوطني: D/28/7/2 : الوثيقة 7. [12] الارشيف الوطني: D/28/7/2 : الوثيقة 3. [13] الارشيف الوطني: B1/224/3/7 : الوثيقة 2.

Aucun commentaire: